"فايننشيال تايمز": تشديد الرقابة على الحدود الأمريكية يُربك سفر رجال الأعمال والباحثين

"فايننشيال تايمز": تشديد الرقابة على الحدود الأمريكية يُربك سفر رجال الأعمال والباحثين
تشديد إجراءات التفتيش على الحدود الأمريكية

أعاد تشديد إجراءات التفتيش على الحدود الأمريكية تشكيل طريقة تفكير المديرين التنفيذيين والأكاديميين والمسؤولين الحكوميين في ما يتعلق بالسفر إلى الولايات المتحدة، خاصة بعد عودة الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.

ووفقا لتقرير نشرته "فايننشيال تايمز"، اليوم الاثنين، دفعت هذه الأجواء كثيرًا من المسافرين إلى اتخاذ احتياطات غير معتادة تشمل استخدام أجهزة إلكترونية خالية من البيانات أو تغيير خطط السفر كليًا.

وأوضح باحث آسيوي يعمل في جامعة أمريكية بارزة، وطلب عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية، أنه استعد لرحلة عمل إلى البرازيل عبر استشارة محاميه، واصطحاب هاتف محمول قديم وجهاز حاسوب خالٍ من المعلومات، وبعد إنهاء زيارته، حمّل بياناته إلى السحابة الإلكترونية، ثم محا محتوى الجهاز.. وعلّق قائلًا: "نُصحت بعدم الاحتفاظ بأي بيانات على أجهزتي، لقد كان الأمر مُقلقًا للغاية".

وفعّلت إدارة ترامب، منذ 20 يناير، أمرًا تنفيذيًا يشدد من إجراءات فحص الأجانب الراغبين بدخول الولايات المتحدة والمقيمين فيها، بما في ذلك مراجعة التأشيرات وفرض قيود سفر إضافية.

وبحسب هيئة الجمارك وحماية الحدود الأمريكية، تجاوز عدد عمليات تفتيش الأجهزة الشخصية للمسافرين في الفترة من يناير حتى منتصف مايو، نظيرها في النصف الأول من عام 2024، بزيادة بلغت 10%.

وصرّح مساعد المفوض في هيئة الجمارك وحماية الحدود الأمريكية، هيلتون بيكهام، بأن عمليات التفتيش الإلكترونية شملت أقل من 0.01% من المسافرين، مؤكدًا أنها ضرورية لحماية الأمن القومي، ورفض الادعاءات التي تربط بين الفحص الأمني والانتماءات السياسية للمسافرين.

إعادة النظر في خطط السفر

حثت جامعات أمريكية، من بينها ديوك وكولومبيا، طلابها وموظفيها الدوليين على تجنب مغادرة البلاد ما لم يكن ذلك ضروريًا، بعد سلسلة من حوادث الاحتجاز والترحيل التي طالت حتى من يحملون تأشيرات أو إقامات دائمة.

ورفضت جامعة أمريكية، يعمل فيها الباحث الآسيوي السابق ذكره، تقديم أي دعم قانوني له في حال واجه مشكلات على الحدود، ونصحته بعدم مغادرة الأراضي الأمريكية، وأوضح المستشار القانوني الذي عيّنه الباحث أن "ضباط الحدود قد يتعاملون بمنطق: اعثر لي على الرجل وسنجد الجريمة".

وفي مثال آخر، أكد وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو الشهر الماضي أن ترحيل الناشط محمود خليل، خريج جامعة كولومبيا والمؤيد للقضية الفلسطينية، يستند إلى "تصريحاته وارتباطاته" التي قد تتعارض مع السياسة الخارجية الأمريكية.

احتياطات أوروبية

وزّعت المفوضية الأوروبية على بعض موظفيها المتجهين إلى الولايات المتحدة هواتف وأجهزة حاسوب أساسية خالية من البيانات، في محاولة لحماية خصوصيتهم، وشملت التوجيهات مسؤولين كبارًا حضروا اجتماعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي مؤخرًا.

وسعت شركات كبرى، بينها شركات لإدارة الأصول في المملكة المتحدة، إلى تقديم نصائح أمنية لموظفيها، منها تجنب استخدام الهواتف الشخصية أثناء السفر، وتفادي تخزين بيانات ذات طبيعة سياسية أو حساسة.

وشددت إليزابيث نانتون، وهي شريكة في شركة KPMG Law الكندية ومسؤولة عن ممارسات الهجرة الأمريكية، على ضرورة معاملة كل حالة دخول إلى الولايات المتحدة على أنها "قرار مستقل"، وأوصت الشركات بالتعاون مع خبراء الهجرة لتقديم استشارات فردية لكل حالة.

وتخوّفت شركات أمريكية وأوروبية من احتمالية تعرض موظفيها للتوقيف أو التفتيش عند الحدود بسبب الخلفية العرقية أو الدينية، وقال مسؤول تنفيذي في شركة دوائية في نيويورك إن بعض المؤسسات تفضّل عدم إرسال موظفين إلى الولايات المتحدة إن كانوا يحملون ملامح شرق أوسطية أو آسيوية.

وأشار مسؤول في شركة بريطانية إلى تشجيع الموظفين على التسجيل في برنامج "الدخول العالمي" لتسريع إجراءات التفتيش، فيما طلبت بعض شركات التكنولوجيا من موظفيها الأجانب حمل مستندات إضافية مثل عقود الزواج وكشوف الرواتب.

أصدرت حكومتا المملكة المتحدة وألمانيا تحديثات لتحذيرات السفر إلى الولايات المتحدة عقب صدور الأمر التنفيذي، ونبهتا إلى أن أبسط المخالفات قد تؤدي إلى التوقيف أو الترحيل، وذكرت وزارة الخارجية البريطانية: "تُطبق الولايات المتحدة قواعد الدخول بصرامة، وقد يؤدي عدم الالتزام بها إلى الاعتقال".

وأوضح محامٍ يعمل في شركة بريطانية لديها مصالح تجارية في الولايات المتحدة أن القوانين لم تتغير فعليًا، لكن تطبيقها بات أكثر صرامة، وهو ما دفع السلطات البريطانية والألمانية إلى تحديث تعليماتها للمواطنين.

ضعف في الطلب

أفاد محلل السفر هنري هارتفيلدت بأن شركات طيران أوروبية كبرى، مثل الخطوط الجوية الفرنسية-كي إل إم ولوفتهانزا، لاحظت انخفاضًا طفيفًا في الطلب على رحلات الأعمال إلى الولايات المتحدة، مرجّحًا أن السبب لا يقتصر على الأوضاع الأمنية، بل يشمل أيضًا تراجع الأداء الاقتصادي في عدد من البلدان.



 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية